🔴 سُنَّةُ ابْتِلَاءِ المُؤْمِنِينَ
بما أنَّنا عشنا أيَّاما صعبة، وما زلنا نمرُّ بأوقات عصيبة، والظاهر أنَّ القادم أشدُّ وأمَرُّ واللّٰه العالم، رغبتُ بالتعرُّض لآية كريمة تحكي عن مثل هذه الحال لنستلهم مضامينها، ونستلَّ معانيها، ونحفظ كلماتها.
قال الحقُّ سبحانه:
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ۖ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (٢٤)}
[سورة البقرة].
(سبب النزول):
نزلت هذه الآية في الصحابة (رضوان اللّٰه عليهم) حين شقّ عليهم ما كانوا يواجهونه من البلاء والفتن في سبيل إعلاء كلمة الحقِّ في غزوة الأحزاب؛ حيث حُوصر المسلمون مِنْ كلِّ جانب عند حدود المدينة المنوَّرة، فحفر المهاجرون والأنصار خندقًا بإيعاز من سلمان الفارسي (رضوان اللّٰه عليه) ليتَّقوا شرَّ أعدائهم الذين تكالبوا عليهم بقيادة (عمرو بن عبد ودًّ العامريًّ)، فكانوا عرضة لشدَّة الأهوال وترادف الأوجال وكثرة البَلبال.
(تفسير الآية):
- {أم حسبتم أنْ تدخلوا الجنَّة}:
أي: هل ظننتم أنَّ طريق دخول الجنَّة يكون سهلًا مُعَبَّدا دون مكابدة الابتلاء؟!
- {ولمَّا يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم}:
أي: لم يصبكم بعد مثل ما أصاب من سبقكم من المؤمنين من شدائد ومحن.
- {مسَّتهم البأساء والضرَّاء}:
البأساء: الشدائد المتعلِّقة بالأمور الخارجيَّة؛ كالفقر والحرب...
الضرَّاء: الشدائد المتعلِّقة الأمور الداخلية؛ كالأمراض والآلام الجسديَّة والنفسيَّة...
- {وزُلزلوا}:
أي اضطربوا اضطرابًا شديدًا من شدَّة الفتن والمصاعب، حتى اهتزَّت قلوبهم من الخوف والقلق.
- {حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر اللّٰه}:
أي بلغ بهم البلاء مبلغه حتى تساءل الرسول والأصحاب مستنجدين باللّٰه مستبشرين بفرجه: متى يأتي نصر اللّٰه؟!
- {ألا إنَّ نصر اللّٰه قريب}:
هنا تأتي البشرى والتثبيت، بأنَّ النصر من عند الله آتٍ لا محالة، وهو قريب وحليف صادقي الإيمان مهما طال البلاء.
(الخلاصة):
١. التذكير بأنَّ طريق الحقِّ إلى الجنَّة محفوف بالصعاب.
٢. تسلية نفوس المؤمنين وتثبيت أفئدتهم ببيان أنَّ البلاء سُنَّةٌ إلهيَّةٌ ماضيةٌ على طريق الإيمان في الأُمم السالفة، ولن تنفكَّ عن الأُمم القادمة؛ كأمثالنا، حتى يختبر المولى (عزَّ وجلَّ) صدق عباده ورسوخ عقيدة أنصاره.
٣. طمأنة اللّٰه جنوده بأنَّ النصر قريب لمن ثبت وصبر، فهذا وعد اللّٰه الذي لا يُخلف الميعاد.
➖➖➖➖➖➖➖
د. السيد حسين علي الحسيني
واتساب: 009613804079
|