﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾
 
 

 سياسة التمساح (في الأدب السياسيّ)  

القسم : متفرقات ثقافية   ||   التاريخ : 2025 / 05 / 12   ||   القرّاء : 234

🐊 ​​​​​​سياسة التمساح (في الأدب السياسيّ) 

كان هناك نهرٌ يفصلُ بينَ مملكتَيِ السباعِ والضِّباعِ؛ حيث كانتا دائمتَيِ النزاعِ حولَ مَنْ يملكُ حقَّ العبورِ والتحكُّمِ بالماءِ والسَّبْقِ إلى الفرائسِ. 

وفي وسطِ هذا النزاعِ، كان هناك حمارٌ وحشيٌّ ليس له باعٌ في ألاعيبِ السياسةِ، وكان يعرفُ بطيبتِه وحسنِ ظنِّه بالآخرين، ولم يكن على عداوةٍ مع أيٍّ مِنَ المملكتينِ، بل كان يعتقدُ أنَّ للخيرِ يدًا وقوَّةً وسلطةً كفيلةً في غلبةِ الشرِّ وإحلالِ السلامِ. 

وذاتَ يومٍ، عَهِدَ إليه الأسدُ ملكُ مملكةِ السباعِ أنْ يكونَ رسولَ سلامٍ بين المملكتينِ، فحمَّله رسالةً إلى مملكةِ الضِّباعِ يبلغُهم فيها أنَّ السباعَ تمدُّ يدَها لمصالحةٍ تاريخيَّةٍ تُنهي هذا الصراعَ الأزليَّ. شهقَ الحمارُ معلنًا الموافقةَ على الاضطلاعِ بهذه المهمَّةِ، وحملَ الرسالةَ ومضى.

لكن الآذانَ المتنصِّتةَ أخطرتِ التمساحَ ملكَ النهرِ بنوايا الأسدِ وما يحملُه الحمارُ إلى مملكةِ الضِّباعِ، مِمَّا يتعارضُ مع مصلحتِه، وهو الذي يتغذَّى على ضحايا التوتُّراتِ بينَ المملكتينِ، فحرَّكَ ذيلَه مسرعًا لاعتراضِ الرسالةِ، وبدموعِ التماسيحِ استطاعَ أن يخدعَ الحمارَ ويبدِّلَ محتواها مِنْ مبادرةِ سلامٍ إلى تهديدٍ بالغزوِ!

وصلَ الحمارُ إلى وجهتِه، وقرأَ حاكمُ مملكةِ الضباعِ الرسالةَ، فهاجتْ زَبْرَاؤُه، وأمرَ بالاستعدادِ لردٍّ فوريٍّ على تهديدِ مملكةِ السباعِ.

وهكذا سرعانَ ما اندلعتِ الحربُ التي كان الحمارُ أوَّلَ ضحاياها؛ إذ اتُّهمَ بالخيانةِ مِنْ كلا الطرفينِ.

 

البُعْدُ السِّياسِيُّ

- أمَّا الحمارُ، فيمثِّلُ برمزيَّتِه الناقلَ النزيهَ والوسيطَ الطيِّبَ الذي لم يُجِدْ دهاءَ الساسةِ، ولم يختبرِ السلوكَ في دهاليزِ صراعاتِها الدامسةِ.

-  وأمَّا التمساحُ، فيمثِّلُ المصطادين في الماءِ العكرِ، المنتفعين مِنْ دوامِ التحاربِ، الذين يعمدون إلى إبقاءِ الفتنِ وإزكاءِ نائرتِها.

- وأمَّا السباعُ والضباعُ، فيمثِّلانِ الأطرافَ دائمةَ التناحرِ، والتي لا تفتحُ عقلَها للشمسِ والهواءِ النظيفِ، فلا تزالُ تعيشُ في انغلاقٍ عَنِ الآخرِ، بأحكامٍ مُسَبَّقَةٍ تسدُّ الأبوابَ وتزيدُ الهُوَّاتِ عمقًا واتساعًا أمامَ كلِّ فرصةِ حوارٍ قد تخرجُهم مِنَ المجاهيلِ التي ما انفكُّوا يراوحون داخلَها.

➖➖➖➖➖➖➖

د. السيد حسين علي الحسيني 

واتساب: 009613804079 



 
 


الصفحة الرئيسية

د. السيد حسين الحسيني

المؤلفات

أشعار السيد

الخطب والمحاضرات

فتاوى (عبادات)

فتاوى (معاملات)

البحوث الفقهية

بحوث فلسفية وأخلاقية

البحوث العقائدية

حوارات عقائدية

متفرقات

سؤال واستخارة

سيرة المعصومين

أسماء الله الحسنى

أحكام التلاوة

الأذكار

أدعية وزيارات

الأحداث والمناسبات الإسلامية

     جديد الموقع :



 متلازمة البط (Duck Syndrome)

 الاكتئاب الصباحي

 الإعجاز في لسان القطط

 يا كاتبًا فرحي

 احذروا هذه الوصايا

 الله متكبر

 لا راحة في الدنيا

 حكمة الطير

 لماذا إنا لله راجعون (لا عائدون)؟

 سياسة التمساح (في الأدب السياسيّ)

     البحث في الموقع :


  

     ملفات عشوائية :



 العبادة البدنية والنفسية

 مس الميت

 الإخفاء الشفوي

 الرؤوف

 الإرث

 زينة النساء والتشبه بهن

 زيارة الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام) المعروفة بزيارة الناحية المقدسة

 الاكتئاب الصباحي

 الوهّاب

 كيفية التيمم

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

Phone : 009613804079      | |      E-mail : dr-s-elhusseini@hotmail.com      | |      www.dr-s-elhusseini.net      | |      www.dr-s-elhusseini.com

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net