﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾
 
 

 العبادة البدنية والنفسية 

القسم : متفرقات أخلاقية   ||   التاريخ : 2015 / 12 / 17   ||   القرّاء : 18520

العبادة البدنية والنفسية

 العبادة البدنية عبارة عن عبادة الجوارح؛ من قيام، وركوع، وسجود، وطواف، وسعي ... بينما العبادة النفسية عبارة عن تخليتها من الرذائل الخُلُقية، وتحليتها بالفضائل الخُلُقية.
 ثم إن التخلية سابقة على التحلية؛ لأن النفس كالوعاء، لا يمكن ملؤه قبل إفراغه، وكالمرآة، لا يمكن أن تعكس الصور قبل تنظيفها من الكدورات.
 إذا عرفت ذلك، فاعلم:
 أولا: إن العبادة البدنية وإن كانت عبادة للجوارح، ولكن لا يعني ذلك أنها لا تتعداها إلى النفس، بل إنما جُعِلت هذه العبادة خدمة للنفس حتى تكون أكثر قابلية للتخلية والتحلية. وتوضيح ذلك يتوقف على معرفة أسرار العبادات البدنية؛ فمن ذلك مثلا أن ملكوت الركوع - أي معناه الباطني - هو الفناء في الله ، ومن يفنَ في ربه ينشغل عمن سواه، فيتخلى عن كل طمع وحرص وحسد ...
وبإيجاز: إن العبادة البدنية تأخذنا إلى تعظيم الخالق في أنفسنا، وصولا إلى مقام التوحيد الحقيقي؛ وإلى ذلك أشار أمير المؤمنين  في خطبته واصفا المتقين: "عَظُمَ الخالقُ في أنفسهم، فَصَغُرَ ما دونه في أعينهم"( )، وفي هذا بيان يختصر علم الأخلاق برمَّته. فتأمل.
 ثانيا: إن العبادة البدنية، وإن كانت من الأهمية بمكان، إلا أنه لا يكفي العكوف عليها في ظل إهمال العبادة النفسية؛ كما هو حال الكثيرين من الذين يواظبون على الصلوات الواجبة والمستحبة مثلا، حتى يظهر أثرها على أجبنتهم، مهملين جانب النفس، فكانوا بذلك سوء مثال للإنسان المتديِّن؛ فهم على هذه الحال أقرب إلى القبر الذي ظاهره رخام مزيَّن وباطنه جيفة، أو البيت الذي وُضِع سراجه فوق سطحه، فاستنار ظاهره وأظلم باطنه.
 وهكذا عرفت أنه ما لم نطهِّر أنفسنا من الأدران الباطنية بعبادتنا النفسية، لم تتم عبادتنا البدنية الظاهرية. ومن هنا نجد الأطباء يصفون لمعالجة بعض الأمراض الجلدية دوائين: دواء لإزالة الأثر الظاهري للمرض كالطلاء، ودواء آخر يدخله المريض إلى جوفه ليجتث مادة المرض؛ لأنه إن اقتصر على العلاج الظاهري لم يشفَ، كيف ذلك وأصوله متجذِّرة في أعماقه؟! ومن هنا لم يكفِ اجتثاث الشجرة الخبيثة من فوق الأرض؛ لاحتمال أن تكون جذورها ما زالت مستقرة فيها؛ قال : وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ( ). فتأمل جيدا.

 



 
 


الصفحة الرئيسية

د. السيد حسين الحسيني

المؤلفات

أشعار السيد

الخطب والمحاضرات

فتاوى (عبادات)

فتاوى (معاملات)

البحوث الفقهية

بحوث فلسفية وأخلاقية

البحوث العقائدية

حوارات عقائدية

متفرقات

سؤال واستخارة

سيرة المعصومين

أسماء الله الحسنى

أحكام التلاوة

الأذكار

أدعية وزيارات

الأحداث والمناسبات الإسلامية

     جديد الموقع :



 هل يقال: أنا فاطر أم مغطر؟

 متلازمة ستوكهولم

 لماذا اختص الله شهر رمضان لنفسه

 طلاق الحامل

 سياسة الخنزير

 نشر الأحاديث مفطر

 رمضان مهبط الكتب السماوية

 كيف دعانا الله إلى الصوم

 سياسة الحمار والكلب

 آراء الفقهاء في رؤية الهلال

     البحث في الموقع :


  

     ملفات عشوائية :



 التوبة والغِيبة واللعن

 صلاة الوحشة والعزاء

 التوّاب المنتقم

 للإظهار

 المجيد الماجد

 زيارة الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام) في عاشوراء

 الاستطاعة البدنية للحج والنيابة

 زيارة صاحب الزمان (عجل اله تعالى فرجه) يوم الجمعة

 عالم الآخرة

 المقتدر

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

Phone : 009613804079      | |      E-mail : dr-s-elhusseini@hotmail.com      | |      www.dr-s-elhusseini.net      | |      www.dr-s-elhusseini.com

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net