﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾
 
 

 كيف وسوس إبليس لأبينا آدم 

القسم : متفرقات قرآنية   ||   التاريخ : 2025 / 02 / 12   ||   القرّاء : 247

📖 #نكتة_قرآنية
#من_وسوس_لآدم_وإبليس_خارج_الجنة؟
إذا تتبَّعنا قصة أبينا آدم وأمِّنا حوَّاء (عليهما السلام) وحادثة وسوسة إبليس لهما للأكل من الشجرة، ربما يستظهر بعضنا أن هذه الحادثة حصلت بعد طرد إبليس من الجنة، وهنا أسئلة:
١- هل وسوس إبليس لهما أم نفساهما الأمَّارتان؟
٢- ما نوع هذه الوسوسة؟
٣- ما نوع هذه الشجرة؟
٤- وإن كان إبليس هو الموسوس، فهل كان في الجنة حين الوسوسة أم في الأرض؟
٥- كم استغرقت هذه الحادثة من وقت؟
٦- وإن فرضنا أن إبليس كان في الأرض، فهل يمكن أن يوسوس لهما والحال أنهما في الجنة؟

1️⃣ #هل_وسوس_إبليس_أم_النفس؟
لا شك أن إبليس هو اللاعب الأساسي في هذه الحادثة، وأنَّه صاحب الفكرة والوسوسة؛ وهذا نص قوله تعالىٰ الذي لا يقبل التأويل: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ}، وهو صاحب الوعد بالخلود؛ {وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} [سورة الأعراف: ٢٠].
ولكن لا يخفى أن وسوسة الشيطان لا يمكن أن تُحَقِّقَ مبتغاها وتصل إلى مرماها دون تسويلات النفس الأمَّارة، فإنما غاية كيد الشيطان الإغواء، ثم تأتي النفس لترغب أو لا، ويأتي القلب ليرضى برغبة النفس أو لا.
كما لا يخفى أن النفس لا أيَّ نفس بل خصوص الأمَّارة أشدُّ حيلة وقوة من كيد الشيطان، لذلك سميت (أمَّارة)؛ أي كثيرة الأمر والإلحاح.

2️⃣ #ما_نوع_هذه_الوسوسة؟
أوضحت الآية التالية أن الوسوسة لم تكن أثيرية أو على نحو الإلقاء في الرَّوْع مثلًا، بل كانت مشافهة؛ قال تعالىٰ: ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١)﴾ [الأعراف]. ولا يخفى أن القسم يقتضي المشافهة.

3️⃣ #ما_نوع_هذه_الشجرة؟
وأما طبيعة الشجرة، فلم يرد ذكر لها في القرآن الكريم. وما يشاع عن أنها شجرة تفاح فهو غير صحيح. ولم يذكر ذلك لا في التوراة ولا الإنجيل ولا القرآن ولا السنة.
نعم، وردت روايات في السنة عن أنها شجرة المعرفة، ولكن لم تعرف بالضبط ماهيتها.
وورد في سفر التكوين أن الشجرة التي أكل منها آدم وحوَّاء تُسمى (شجرة معرفة الخير والشر)؛ كما جاء في سفر التكوين [2: 16-17]:
"وأوصى الرب الإله آدم قائلًا: من جميع شجر الجنة تأكل أكلًا. وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتًا".

4️⃣ #هل_كان_إبليس_في_الجنة_حين_الوسوسة؟
لا شك أن إعلان طرد إبليس من الجنة الصادر عن الحضرة الإلهية سابق للوسوسة؛ إذ الآيات ظاهرة في أن هذا الإعلان جاء بُعَيْد خلق آدم، فالأمر بالسجود له، فامتناع الشيطان عن السجود؛ قال تعالىٰ: {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (١٢) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (١٣)} [سورة الأعراف].
إذًا، صدر إعلان الطرد قبل الوسوسة، ولكن هل خرج إبليس مباشرة من الجنة؛ إذ لا ملازمة بين إعلان الطرد والخروج الفعلي من الجنة؟!
والحقُّ أنه لم يخرج مباشرة، وأن الخروج لم يحصل تلقائيًّا بمجرد إعلان الطرد، أو أن الخروج حصل تدريجيًّا تمهيدا للهبوط إلى الأرض؛ إذ تُحَدِّثنا الآيات عن إعلان طرد ثانٍ بعد مخاطبة الشيطان للّٰهِ (جلَّ وعلا) وردِّه تعالىٰ عليه بعد ذلك: {قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (١٥) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (١٧)} [الأعراف]. وهنا جاء إعلان الطرد الثاني: {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا ۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ (١٨)} [سورة الأعراف].
إذًا الخروج الفعلي أو النهائي لإبليس من الجنة لم يقع بعد إعلان الطرد الأول، وإلا لما صدر إعلان ثان، بل لم يقع كذلك بعد الثاني بل بعد إعلان ثالث جاء هذه المرة بلسان الهبوط لا الخروج، وذلك بعد الوسوسة والأكل من الشجرة؛ قال تعالىٰ عقب ذلك: {قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (٢٤)}[سورة الأعراف].
وهنا اتضَّح أن الخروج الفعلي وهبوط إبليس من الجنة جاء مع هبوط أبوينا (عليهما السلام) وليس قبله، أو أن خروجه من الجنة كان تدريجيًّا وهبوطه منها دفعيًّا. وعليه، حينما وسوس إبليس لأبوينا لم يكن قد غادر الجنة بعد.
ويبقى معنى لأُولي الألباب إذا أطلقوا العنان لعقولهم وقلوبهم لاستشراق أنواع الطرد والخروج والهبوط من ناحية الملكوت، فهم يعلمون أنه قد يحصل تدريجًا لا دفعًا، فالجنة جنات، والعوالم من درجات إلى دركات. واللّٰه العالم بالخفيَّات.

5️⃣ #كم_استغرقت_الحادثة_من_وقت؟
المروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) قوله: "خير يوم طلعت عليه الشمس، يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها".
إذًا كل هذه الحوادث حصلت في يوم واحد، بل أزيدكم أنها حصلت قبيل الغروب؛ فقد ورد عنه (صلى الله عليه وآله) أيضا: "وخلق آدم في أخر ساعة من ساعات الجمعة"، بل ورد أن المعصية حصلت عصرا، وحصلت التوبة وقت الغروب، وقد علَّل النبي صلاة العصر والمغرب بذلك.
وبناء، على ما تقدم، إن هذه الحوادث ابتداء من الخلق إلى الهبوط ناحية الأرض حصلت في ساعة واحدة، ووقت واحد، فلا يستثقلن أحد أن تكون الوسوسة قد حصلت بُعَيْدَ (إعلان) طرد إبليس، وقبل خروجه الفعلي من الجنة، كل ذلك في ساعة واحدة.

6️⃣ #هل_تقع_الوسوسة_من_خارج_الجنة؟
لو فرضنا أن إبليس كان خارج الجنة حين حدوث الوسوسة، فهل يمكن ثبوتًا وإثباتًا أن تخرق وسوسته نطاقها؟
والجواب:
نعم يمكن، بل المشافهة ممكنة أيضا؛ ودليله من سورة الأعراف نفسها؛ قال تعالى: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (٥٠)﴾ [الأعراف].
فإذا لم يمتنع التنادي بين أهل النار وأصحاب الجنة، فما يمنعها بين أهل الأرض وأصحاب الجنة؟!
فإن قيل: لعل كلامهم كان في صحراء المحشر قبل دخول الجنة والنار؟
قلنا: بل هو وهما فيهما، وهذا ظاهر في الآية أعلاه، فإن أهل النار يطلبون من أصحاب الجنة أن يفيضوا عليهم مما أثابهم اللّٰه، ولا يخفى أن الثواب عقب دخول الجنة. فلنتدبَّر.
➖➖➖➖➖➖➖
د. السيد حسين الحسيني
واتساب: 009613804079



 
 


الصفحة الرئيسية

د. السيد حسين الحسيني

المؤلفات

أشعار السيد

الخطب والمحاضرات

فتاوى (عبادات)

فتاوى (معاملات)

البحوث الفقهية

بحوث فلسفية وأخلاقية

البحوث العقائدية

حوارات عقائدية

متفرقات

سؤال واستخارة

سيرة المعصومين

أسماء الله الحسنى

أحكام التلاوة

الأذكار

أدعية وزيارات

الأحداث والمناسبات الإسلامية

     جديد الموقع :



 هل يقال: أنا فاطر أم مغطر؟

 متلازمة ستوكهولم

 لماذا اختص الله شهر رمضان لنفسه

 طلاق الحامل

 سياسة الخنزير

 نشر الأحاديث مفطر

 رمضان مهبط الكتب السماوية

 كيف دعانا الله إلى الصوم

 سياسة الحمار والكلب

 آراء الفقهاء في رؤية الهلال

     البحث في الموقع :


  

     ملفات عشوائية :



 في وجوب كون النبي والإمام معصومين من أوّل عمرهما

 زيارة الإمام الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام) يوم الخميس

 في مختلف المطالب

 هل الله يُرى؟

 النذر غير المعين

 الماء وفاقد الطهورين

 زيارة الإمام محمد بن علي الجواد التقي (عليهما السلام) يوم الأربعاء

 الإمام الحسن بن عليّ العسكري (عليهما السلام)

 مشكلة العربة

 الإمام المهدي (عليه السلام) 2

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

Phone : 009613804079      | |      E-mail : dr-s-elhusseini@hotmail.com      | |      www.dr-s-elhusseini.net      | |      www.dr-s-elhusseini.com

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net