﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾
 
 

 تلذُّذ النفس وتألمها 

القسم : متفرقات أخلاقية   ||   التاريخ : 2015 / 12 / 17   ||   القرّاء : 20282

تلذُّذ النفس وتألمها

مقدمة:
 النفس قوة مركّبة من قوتين:
 - قوة نظرية: تدرك المدركات التي لا تستتبع جريانا عمليا؛ كإدراكه أن النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان، وأن الاثنين نصف الأربعة، وأن الكل أعظم من الجزء ...
 - قوة عملية: تدرك المدركات التي تستتبع جريانا عمليا؛ كإدراكه أن العدل حسن، وأن الظلم قبيح؛ حيث يستتبع إدراكه لذلك أن يعطي كلَّ ذي حقٍّ حقَّه ...
ثم إن تركُّب النفس من هاتين القوتين تركيب اتحادي؛ على نحو تشكِّل فيه القوة النظرية صورة النفس، بينما تشكِّل  القوة العملية مادتها.
تلذذ النفس:
 إذا عرفت ذلك، فاعلم أن تلذذ النفس حاصلة بحركة قوتيها التكاملية.
فأما تكامل قوتها النظرية، فيكون بتوسيع حقل إدراكها وإحاطتها بالحقائق الكلية، وصولا إلى حق اليقين، ومرورا بعلم اليقين ثم عين اليقين؛ حيث تتخلّص النفس من الأوهام والوساوس الشيطانية، وتنال رتبة النفس المطمئنة، فتُنادى ﺑارجعي إلى ربك راضية مرضية( ). وهذا الكمال يسمى (الحكمة النظرية).
 وأما تكامل قوة النفس العملية، فيكون بتخليتها من الرذائل الخُلُقية؛ كالكذب، والخيانة، والجبن، والبخل، وغيرها، وتحليتها بأضدادها من الفضائل الخُلُقية، وهي: الصدق، والأمانة، والشجاعة، والكرم، وغيرها، وصولا إلى تطهيرها من كل الأدران والخبائث؛ كما ينظّف الفلاح أرضه من الحشائش الضارة. وهذا الكمال يسمى (الحكمة العملية).
 ثم إنه بناء على تركُّب النفس من هاتين القوتين تركيبا اتحاديا، فلا يمكن أن تكمل إحداهما دون الأخرى، بل تبقى إحداهما تجذب الأخرى إلى محلها من سُلَّم الكمال، حتى يصلا معًا أو لا يصلا إلى مرتبة الكمال.
تألم النفس:
 إذا عرفت كيف تتلذذ النفس، عرفت كيف تتألم؛ فإذا كانت لذتها حاصلة بالحركة التكاملية لقوتيها النظرية والعملية، فإن ألمها حاصل بالحركة التناقصية لهاتين القوتين.
 فأما تناقص قوتها النظرية، فيكون بتضييق حقل إدراكها وإحاطتها بالحقائق الكلية، وصولا إلى سيطرة الأوهام عليها، حتى تصير كورقة تعبث بها الريح.
 وأما تناقص قوتها العملية، فيكون بتخليتها من الفضائل الخُلُقية، وصولا إلى تدنيسها بأضدادها من الرذائل الخُلُقية.
 واعلم أنه لما لم تكن النفس مخلوقة لمجرد البقاء، بل مخلوقة للبقاء في تكامل، فإن ثباتها على درجة من سُلَّم الكمال يصيبها بالألم والكآبة، كما يصيبها نزولها منه بذلك؛ لأن هذا الثبات بالنسبة إليها غُبْنٌ لا يمكن احتماله؛ وفي ذلك جاءت صحيحة هشام بن سالم، عن أبي عبد الله الصادق : "من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان آخر يوميه خيرهما فهو مغبوط، ومن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون، ومن لم ير الزيادة في نفسه فهو إلى النقصان، ومن كان إلى النقصان فالموت خير له من الحياة"( ).

 



 
 


الصفحة الرئيسية

د. السيد حسين الحسيني

المؤلفات

أشعار السيد

الخطب والمحاضرات

فتاوى (عبادات)

فتاوى (معاملات)

البحوث الفقهية

بحوث فلسفية وأخلاقية

البحوث العقائدية

حوارات عقائدية

متفرقات

سؤال واستخارة

سيرة المعصومين

أسماء الله الحسنى

أحكام التلاوة

الأذكار

أدعية وزيارات

الأحداث والمناسبات الإسلامية

     جديد الموقع :



 هل يقال: أنا فاطر أم مغطر؟

 متلازمة ستوكهولم

 لماذا اختص الله شهر رمضان لنفسه

 طلاق الحامل

 سياسة الخنزير

 نشر الأحاديث مفطر

 رمضان مهبط الكتب السماوية

 كيف دعانا الله إلى الصوم

 سياسة الحمار والكلب

 آراء الفقهاء في رؤية الهلال

     البحث في الموقع :


  

     ملفات عشوائية :



 التحية بين الرجال والنساء

 المضاربة

 الغفّار

 زيارة الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام) المعروفة بزيارة الناحية المقدسة

 مالك الملك

 نفقة الأقارب

 الحمْل والاستنساخ

 المناجاة الثانية عشرة: مناجاة العارفين

 الموت (1)

 وصايا أمير المؤمنين

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

Phone : 009613804079      | |      E-mail : dr-s-elhusseini@hotmail.com      | |      www.dr-s-elhusseini.net      | |      www.dr-s-elhusseini.com

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net