﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾
 
 

 قوى النفس 

القسم : بحوث أخلاقية   ||   التاريخ : 2015 / 12 / 23   ||   القرّاء : 18145

قوى النفس

 إن البدن المخلوق للفناء لا يعدو عن كونه آلة تستخدمه النفس لتحقيق غاياتها والوصول إلى كمالاتها؛ فالنفس هي جوهر حقيقة الإنسان التي تسمَّى (رُوْحًا) بلحاظ توقُّف حياة البدن عليها، وتسمَّى (عَقْلا) بلحاظ إدراكها للمعقولات، وتسمَّى (قَلْبًا) بلحاظ تقلُّب الخواطر فيها.
 ولهذه النفس قوى ست:
 - القوة العقلية: وهي الموجبة لإدراك المعاني الكلية والتمييز بين حَسَنِها وقبيحها.
 - القوة الوهمية: وهي الموجبة لإدراك المعاني الجزئية لاستنباط فنون المكر والحيلة والخداع والدقائق من الأمور.
 - القوة المتخيِّلة: وهي الموجبة لإدراك الصور وإحيائها بعد استقرارها في الذاكرة.
 - القوة المتصرِّفة: وهي الموجبة للتصرُّف بالصور الخيالية؛ كتركيب صورة كائن من رأس أسد وجسد إنسان ...
 - القوة الشهوية البهيمية: وهي الموجبة لصدور الأفعال المتعلِّقة بالبطن والفرج والحرص عليهما؛ لإبقاء البدن والنسل.
 - القوة الغضبية السبعية: وهي الموجبة لصدور أفعال السباع من الغضب والبغض والعداوة والتمرد والغيرة ... وهذه القوة هي التي تتصدى لإفراطات القوة المتخيِّلة والمتصرِّفة والشهوية؛ فإن هذه القوى أكثر انصياعا للقوة الغضبية من القوة العقلية، وأقل عنادا معها.
 إذا عرفت ذلك، فاعلم أن النفس لا تخلو من هذه القوى الست، إلا أنها تبقى في حال تأرجح وحرب ومجاهدة حتى تغلب إحداها؛ فإن غُلِّبَت القوة الشيطانية مثلا، كانت النفس (أمَّارة)؛ أي كثيرة الأمر لصالح القوة البهيمية - خصوصا إذا أُشْبِعت وأُتْخِمَت في معصية الله تعالى - فإنها على هذه الحال وإن كانت صورتها صورة إنسانية، إلا أن باطنها بهيميٌّ؛ وفيها قال : وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (1).
 وإن غُلِّبَت القوة الغضبية السبعية، كانت النفس (لوَّامة)؛ أي كثيرة اللوم على تغليب القوة الشهوية والمتخيِّلة والمتصرِّفة.
 وإن غُلِّبَت القوة العقلية على سواها بالتزكية - قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (2) - كانت النفس (مطمئنَّة) بما أدركته، (راضية) بما نالته، و(مَرْضِيَّة) بما جوزيت به؛ وفيها قال : يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (3).
ثم اعلم أن النفوس تنجذب إلى أمثالها؛ فالنفس المطمئنَّة تنجذب إلى نفس مطمئنَّة مثلها، والنفس اللوَّامة تنجذب إلى نفس لوَّامة مثلها، والنفس الأمَّارة تنجذب إلى نفس أمَّارة مثلها. وقد يحصل هذا الانجذاب من نظرة واحدة تحنُّ فيها الأمثال إلى بعضها، وهذا ما يفسِّر انشدادنا لنفسٍ من لقائنا الأول بها، ونفورنا من نفس كذلك؛ فإن الطيور على أشكالها تقع. وقد جاء في مرفوعة بكر بن صالح عن أبي عبد الله الصادق : "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة" (4). فتأمَّلوا. 


(1) سورة الأعراف، الآية 179.
(2) سورة الشمس، الآية 9.
(3) سورة الفجر، الآية 27 - 28.
(4) الكافي ج8، ص177.


 



 
 


الصفحة الرئيسية

د. السيد حسين الحسيني

المؤلفات

أشعار السيد

الخطب والمحاضرات

البحوث الفقهية

البحوث العقائدية

البحوث الأخلاقية

حوارات عقائدية

سؤال واستخارة

فتاوى (عبادات)

فتاوى (معاملات)

سيرة المعصومين

أسماء الله الحسنى

أحكام التلاوة

الأذكار

أدعية وزيارات

الأحداث والمناسبات الإسلامية

     جديد الموقع :



 كَبُرْتُ اليوم

 الاستدلال بآية الوضوء على وجوب مسح الرجلين

 العدالة

 السعادة

 قوى النفس

 البدن والنفس

 تلذُّذ النفس وتألمها

 العبادة البدنية والنفسية

 العلاقة بين الأخلاق والمعرفة

 المَلَكَة

     البحث في الموقع :


  

     ملفات عشوائية :



 المناجاة الرابعة عشرة: مناجاة المعتصمين

 المقيت الحسيب

 عدة الحامل

 قل للمشكِّكِ

 المد وفدية التأخير

 غاية الخلق

 الترتيب في الغسل

 نفقة الأقارب

 لأخذ المصحف وتلاوة القرآن

 سيرة الرسول الأعظم محمّد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم)

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

Phone : 009613804079      | |      E-mail : dr-s-elhusseini@hotmail.com      | |      www.dr-s-elhusseini.net      | |      www.dr-s-elhusseini.com

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net