﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾
 
 

 المِزاج والأخلاق 

القسم : متفرقات أخلاقية   ||   التاريخ : 2015 / 12 / 17   ||   القرّاء : 14976

المِزاج والأخلاق

 (المِزاج) عبارة عن استعداد جسمي عقلي يدخل في تكوين جوانب شخصية الإنسان؛ مثل الميل إلى الانطواء أو الانفتاح على المجتمع، أو الميل إلى السعادة أو الحزن، وغير ذلك من الأمزجة التي يقتضي بعضها أخلاقا معينة، ويقتضي بعضها الآخر خلافها؛ حيث نجد بعض الأمزجة تجعل صاحبها أسرع إلى الغضب منه إلى الهدوء؛ بحيث يستشيط غضبا لأسباب لا يعبأ بها غيره ممن يميل إلى الهدوء أكثر منه إلى الغضب، وهكذا.
وتعتبر الأمزجة أمورا فطرية غير مكتسبة تولد مع الإنسان، خلافا للملَكَات الأخلاقية التي يكتسبها بالتربية والممارسة، إلا أن ذلك لا يعني أنها غير قابلة للتبدّل. نعم، هي تحتاج إلى جهادِ نفسٍ دونه قَطْعُ الأعناق، وإرادةٍ تفوقُ إرادةَ تحصيلِ الأرزاق.
وهذا ما يندر إيجاده؛ فإنَّا نجد الناس يبالغون في الاهتمام بأجسامهم الفانية على كل حال، سواء لمعالجتها بتجرع مرِّ الأدوية، أو لتخسيسها باتباع أنظمة غذائية أشد قسوة من الأنظمة الديكتاتورية، أو لتحسين ملامحها بإخضاعها لعمليات جراحية يُكسر فيها العظم ويُقطع فيها اللحم. وفي المقابل نجد هؤلاء الناس مستسلمين أمام أمزجتهم التي جُبِلوا عليها، وأمام أخلاقهم التي اكتسبوها؛ بحيث إن وجَّهتهم ناحية التغيير، صاحوا: "نحن كذلك ولن نتبدَّل"؛ ليس لعدم رغبتهم في التغيير، بل إنهم يرغبون فيه لما يلاقوه من عذاب وألم بسبب حدَّة أمزجتهم وقساوة أخلاقهم، ولكن ليأسهم الذي نشأ من ضعف عزيمتهم، أو توالي حلقات الفشل في طريق إصلاح أنفسهم.
 فهم على هذه الحال إلى أن تمضي أعمارهم، وتفنى أبدانهم، ويمتنع إرجاعهم  قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ( ). فهنا الطامة الكبرى؛ حيث يجدون أنفسهم في بيت الشقاوة الأبدية، وقد أُوصِد بابها، وأُلقي مفتاحها.
 وأما من أدركتهم الرحمة الإلهية، فشمّروا عن سواعدهم ليمحوا عن لوحة أنفسهم الرذائل، وينقشوا في أروقتها الفضائل، مُتَوَلِّدين، كلما سقطوا خرج من قلوبهم ألف مقاتل، عارجين في سماء الكمال، مشاهدين للجلال والجمال، فهم كذلك على هذه الحال، حتى تنكشف لهم الأسرار، وتتجلى لهم الأنوار، ويُزَحْزَحُوا زَحْزَحَةً عن النار، فينادَون من جانب الملك الجبار: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ( ).



 
 


الصفحة الرئيسية

د. السيد حسين الحسيني

المؤلفات

أشعار السيد

الخطب والمحاضرات

فتاوى (عبادات)

فتاوى (معاملات)

البحوث الفقهية

بحوث فلسفية وأخلاقية

البحوث العقائدية

حوارات عقائدية

متفرقات

سؤال واستخارة

سيرة المعصومين

أسماء الله الحسنى

أحكام التلاوة

الأذكار

أدعية وزيارات

الأحداث والمناسبات الإسلامية

     جديد الموقع :



 هل يقال: أنا فاطر أم مغطر؟

 متلازمة ستوكهولم

 لماذا اختص الله شهر رمضان لنفسه

 طلاق الحامل

 سياسة الخنزير

 نشر الأحاديث مفطر

 رمضان مهبط الكتب السماوية

 كيف دعانا الله إلى الصوم

 سياسة الحمار والكلب

 آراء الفقهاء في رؤية الهلال

     البحث في الموقع :


  

     ملفات عشوائية :



 غسل الميت المقطَّع

 نذر الزوجة

 المناجاة الخامِسة : مناجاة الراغبين

 نيابة العاجز

 نية النيابة والمماثلة

 الإرث

 الاستعاذة

 آيات القرآن وأسماء الله والمعصومين والتربة الحسينية

 التأمين

 للصلاة وأفعالها

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

Phone : 009613804079      | |      E-mail : dr-s-elhusseini@hotmail.com      | |      www.dr-s-elhusseini.net      | |      www.dr-s-elhusseini.com

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net