﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾
 
 

 هل اهتم الإسلام بالشريعة أكثر من الأخلاق؟ 

القسم : بحوث فقهية   ||   التاريخ : 2025 / 02 / 15   ||   القرّاء : 267

هل اهتم الإسلام بالشريعة أكثر من الأخلاق؟
تناهى إلينا أن البعض من غير المسلمين يظن أن الرسالة المحمدية اهتمَّت بالجانب الشريعتي الفقهي من (عبادات ومعاملات) أكثر من اهتمامها بالجانب الأخلاقي! وهذا وهم ناشئ عن عدم الاطلاع على هذه الرسالة السماوية التي لا ينبغي للحذق أن يشكك في عدم اختلاف جوهرها عن سالفها من الرسالات.
ومهما يكن من شيء، فإنه لِزامٌ علينا أن نبيِّن وَهْنَ هذه الدعوى من خلال التطرق إلى آي القرآن الكريم، مع الإشارة إلى أن الرسالة المحمدية لا تنحصر بكتاب اللّٰه تعالى، بل تشمل السنة النبوية الشريفة التي تنضوي على أقوال وأفعال وتقريرات النبي محمد (صلى اللّٰه عليه وآله وصحبه) وأهل بيته (عليهم السلام) الذين حملوا راية الإسلام من بعده إلى فضاءات الدنيا.
أقول:
إن عدد آيات القرآن الكريم ٦٢٣٦ آية، حوالى ٥٠٠ منها فقط تتناول الأحكام الشرعية، وثلاثة أضعافها - أي ١٥٠٠ آية - تتناول القضايا الأخلاقية، والباقي منها تتناول القصص والقضايا المتنوعة التي لا تخلو من العِبَرِ الأخلاقية أيضا!
وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن القيم الأخلاقية - التي فاقت بعددها #الوصايا_العشر في الرسالتين الموسوية والمسيحية - هي غاية الرسالة المحمدية ومُنتهى مرماها، وأنَّ أحكام العبادات والمعاملات ما هي إلا سبيل موصل إلى تلك الغاية القصوى، حتى حصر الحق سبحانه كل الدين في أعلى صفة أخلاقية، ألا وهي #الرحمة؛ قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (١٠٧)}[الأنبياء]، وجاء في حديث رسول اللّٰه (صلى الله عليه وآله وصحبه) ما يدل على حصر الغاية من الرسالة المحمدية - شأنها شأن ما سلف من الرسالات - بالخُلُق الكريم؛ فقال: "إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلَاقِ"، وإلى ذلك أشار المسيح (عليه وعلى أمه السلام): "عَامِلُوا الآخَرِينَ مِثْلَمَا تُرِيدُونَ أَنْ يُعَامِلُوكُم؛ هَذِهِ خُلَاصَةُ الشَّرِيعَةِ وَتَعَالِيمِ الأَنٰبِيَاءِ" [متى، الإصحاح 6: 34]، ومثله ما يدل على أن الشريعة المسيحية والمحمدية تصدران من سراج واحد، وهو قول رسول اللّٰه: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حتى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ، وَيَكْرَهُ لَهُ مَا يَكْرَهُ لَهَا". 
آذًا، تناول القرآن الكريم العديد من القيم الأخلاقية التي تهدف إلى تهذيب النفس البشرية وإرساء العدالة والمودة، والتي تشكِّل أساس صلاح الفرد والمجتمع.
ومن بين هذه العناوين الأخلاقية ما يلي:
١. #الإحسان_لغير_المسلمين_وإنصافهم
{لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨)} [الممتحنة]
٢. #النجاة_ليست_للمحمديين_فقط
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢)} [البقرة].
وقد حسم الحق سبحانه هذا النزاع بين أتباع الرسالات حول من هو أولى من غيره بالجنة ودخول ملكوت اللّٰه، مبيِّنًا أن المعيار بعد التوحيد هو العمل الصالح، وليس كما يتمنى الموسويون أو المسيحيون أو المحمديون؛ فقال (عزَّ من قائل): {لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ۗ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (١٢٣)} [النساء].

٣. #حق_الأقارب_ثم_المحتاجين
{فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٣٨)}[الروم].
٤. #الصدق
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (١١٩)} [التوبة].
٥. #الأمانة
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا (٥٨)} [النساء]. 
٦. #العدل_حتى_حال_البغض 
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ (٩٠)} [النحل].
وقال في العدل حال البغض: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (٨)} [المائدة].

٧. #الوفاء_بالعهد
قال تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (٣٤)} [الإسراء].
٨. #التواضع
قال تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (١٨)} [لقمان]. 
٩. #الحلم_وكظم_الغيظ
قال تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤)} [آل عمران].
١٠. #الصدق_في_القول_والعمل
قال  تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا (١٢٢)} [النساء].
١١. #بر_الوالدين
قال تعالى: {۞ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (٢٣) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (٢٤)} [الإسراء]. 
١٢. #التسامح_والعفو
قال تعالى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (٨٥)} [الحجر].
وقال: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ (٢٢)} [النور].

١٣. #الأمانة_في_القول_والعمل
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣)} [الصف] .
١٤. #عدم_الغيبة_والنميمة
قال تعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ (١٢)} [الحجرات].
١٥. #الحلم_والرفق_واللين
قال تعالى:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ (١٥٩)} [آل عمران].
١٦. #التعاون_على_البر_والتقوى
قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (٢)} [المائدة].
١٧. #الزهد_في_الدنيا
قال تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ (١٣١)} [طه].
➖➖➖➖➖➖➖

د. السيد حسين الحسيني  
واتساب: 009613804079



 
 


الصفحة الرئيسية

د. السيد حسين الحسيني

المؤلفات

أشعار السيد

الخطب والمحاضرات

فتاوى (عبادات)

فتاوى (معاملات)

البحوث الفقهية

بحوث فلسفية وأخلاقية

البحوث العقائدية

حوارات عقائدية

متفرقات

سؤال واستخارة

سيرة المعصومين

أسماء الله الحسنى

أحكام التلاوة

الأذكار

أدعية وزيارات

الأحداث والمناسبات الإسلامية

     جديد الموقع :



 هل يقال: أنا فاطر أم مغطر؟

 متلازمة ستوكهولم

 لماذا اختص الله شهر رمضان لنفسه

 طلاق الحامل

 سياسة الخنزير

 نشر الأحاديث مفطر

 رمضان مهبط الكتب السماوية

 كيف دعانا الله إلى الصوم

 سياسة الحمار والكلب

 آراء الفقهاء في رؤية الهلال

     البحث في الموقع :


  

     ملفات عشوائية :



 الرتب الكنسية

 حكم النظر والستر

 زيارة الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام)

 الإمام محمّد بن عليّ الباقر (عليهما السلام)

 صلاة الوحشة والعزاء

 الإمام الحسين بن عليّ الشهيد (عليهما السلام)

 الحضانة والمحاكم

 الإسلام والارتداد

 الإمام الحسن بن عليّ العسكري (عليهما السلام)

 رأس السنة الخمسية

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

Phone : 009613804079      | |      E-mail : dr-s-elhusseini@hotmail.com      | |      www.dr-s-elhusseini.net      | |      www.dr-s-elhusseini.com

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net