📖 #نكتة_قرآنية
#فوسوس_إليه_فوسوس_لهما
إذا تدبَّرْنا الآياتِ القرآنيَّةَ التي ذكرتْ حادثةَ وسوسةِ الشيطانِ لأبَوَيْنَا آدمَ وحوَّاءَ (عليهما السلام)، نلحظُ أنَّه مرَّةً عبِّرَ بـ{فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ (١٢٠)} [طه]،وأخرىٰ بـ{فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ (٢٠)} [الأعراف].
وهنا سؤالانِ:
١- لماذا مَرَّةً خصَّ تعالىٰ الوسوسةَ بآدمَ، وأخرىٰ جعلَها تشملُ آدمَ وحوَّاءَ بها معًا؟!
٢- لماذا تعدىٰ تعالىٰ بفعلِ الوسوسةِ لآدمَ بـ(إلىٰ) في: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ}، وتعدَّاه مَعَ آدمَ وحوَّاءَ بـ(اللام) في: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا}؟!
1️⃣ أوَّلًا:
أَمَّا السؤالُ الأوَّلُ، فجوابُه:
إنَّ الظاهرَ أنَّ التِّقْنِيَّةَ التي اعتمدَها الشيطانُ في الوسوسةُ، هي أنْ يستفردَ أوَّلًا بإغواءِ آدمَ الذي تلقىٰ العلمَ والكلماتِ مِنْ ربِّه، فكانَ بذلك الخليفةَ والقائدَ لباكورةِ مسيرةِ الإنسانيَّةِ، فشغلَ بالَه وبلبلَ حالَه بوسوستِه، ولم يكنْ معه (عليه السلام) مَنْ يشاركُه التدبُّرَ في العرضِ الإغوائيِّ للشيطانِ، مِنْ ثَمَّ انتقلَ إليهما (عليهما السلام) مجتمعَينِ، فكانَ تأثيرُه أوقعَ في نفسَيْهما؛ فإنَّ حوَّاءَ إذا رأتْ آدمَ - وهو القوَّامُ عليها - علىٰ هذه الحالِ مِنْ عدمِ الحزمِ بالعرضِ الإبليسيِّ، كانتْ وسوستُه لها أكثرَ وَقْعًا في نفسِها، وصارَ اقتيادُها لوسوستِه أشدَّ وأمضىٰ.
2️⃣ ثانيًا:
وأمَّا السؤالُ الثاني، فجوابُه:
إنَّ قولَه تعالىٰ: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ} لمَّا جاءَ في سياقِ خطابٍ فرديٍّ محدَّدٍ لشخصِ (آدم)، كان الأبلغُ استعمالَ حرفِ (إلى) الذي يشيرُ إلىٰ خطابٍ مباشَرٍ وموجَّهٍ بشكلٍ خاصٍّ وواضحٍ و(بدونِ تودُّدٍ)؛ إذِ المقصودُ الأوَّلُ والأهمُّ هو آدمُ، فهو حاملُ لِوَاءِ الخلافةِ الإلهيَّةِ، وهو الذي تلقَّىٰ العلمَ الذي تجاوزَ علمَ الملائكةِ، وهو الذي أُمِرَ إبليسُ بالسجودِ له خاصَّةً، والذي سبَّبَ له الطردَ مِنَ الجنَّةِ، وهو محلُّ التحدِّي الأكبرِ في إثباتِ أنَّ آدمَ وذُرِّيتَه مِنْ بعدِه لا يستحقون ذاك التعظيمَ الذي خصَّه اللّٰهُ به.
أمَّا قولُه تعالىٰ: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ}؛ فإنَّ استعمالَ (اللام) بدلَ (إلىٰ)؛ حيثُ لم يقلّ (إليهما)، إشارةٌ إلىٰ أنَّه لمَّا انتهىٰ إبليسُ مِنْ إغواءِ آدمَ منفردًا، فتوجَّه ثانيًا إليهما معًا، ومَعَ وجودِ عنصرِ المرأةِ، تظاهرَ متودِّدًا بأنَّه ناصحٌ لهما ومريدٌ خيرَهما وصالحَهما، بينما هو فليسَ له في العِيْرِ ولا في النَّفِيْرِ، فكانَ استعمالُ (لام) الملكيَّةِ إشارةً إلىٰ هذينِ العنصرينِ: التودُّدِ لهما، ورجوعِ المصلحةِ لهما. واللّٰهُ العالمُ بحقائقِ الأمورِ.
➖➖➖➖➖➖➖
د. السيد حسين الحسيني
واتساب: 009613804079
|